نشرة للمديرين والمديرات في وقت الحرب، صيف2025


أفكار حول الحريّة للعطلة الصيفيّة 


המידעון זמין גם בשפה העברית
 
الحريّة من... والحريّة لـ... في التربية
التمييز بين الحريّة السلبيّة– أيّ التحرّر من القيود أيّاً كانت، والحريّة الإيجابيّة– أي حريّة اختيار وتشكيل حياتك كما تراها مناسبة، يُنسب إلى المفكّر اليهودي الروسي-الإنجليزي أشعيا برلين.
مع بداية هذه العطلة الصيفيّة، ندعوكنّ\ ندعوكم  للتفكير معنا في شكلَي الحريّة ضمن العمل القياديّ التربويّ، وعلى ضوء تحدّيات هذه الفترة.
الدعوة هي للتأمل في كيفيّة توسيع مفهوم العطلة بمعنييه– السلبيّة والإيجابيّة: لدينا في الطاقم، وفي مجتمع المدرسة ككل
العطلة الصيفيّة هي فترة استراحة هامّة نأخذها جميعًا من الروتين اليومي المعتاد– البنات والأولاد، المعلّمات والمعلّمون، والإدارة.
في الظروف الاعتياديّة، تؤدّي العطلة وظيفة مهمّة في الحفاظ على رفاهيّة وسلامة العاملين في جهاز التربية والتعليم: فهي تتيح راحة من متطلّبات الحياة المدرسيّة اليوميّة المكثفة؛ وتوفّر مساحة ضروريّة لالتقاط الأنفاس ومعالجة التجارب؛ وشحن الطاقات الجسديّة، العاطفيّة والمعرفية؛ واستعادة الشعور بالتوازن والقدرة على الصمود.
ظاهرة الاحتراق المهني المتزايد لدى المعلمين تُبرز أهميّة العطلة الصيفيّة أيضًا في سياق احتياجات المنظومة التربويّة ككلّ.
في أوقات الطوارئ أو الأزمات، حيث تكون الضغوطات العاطفيّة كبيرة بشكل خاصّ، فإنّ الحاجة إلى عطلة قد تكون ملموسة أكثر من أيّ وقت مضى: ففي هذه الفترات، يُطلب من العاملين في مجال التربية أن يكونوا مصدرَ دعم عاطفيّ للطلّاب وأولياء الأمور الذين يعانون من الخوف والضيق، إلى جانب التحديات الشخصيّة التي يواجهها المربّون أنفسهم. وبالتالي، فإنّ توفير مساحة للمعالجة، شحن الطاقات واستعادة التوازن هو بمثابة أمر بالغ الأهميّة.
على ضوء أحداث هذه الفترة، تُعَدّ العطلة الصيفية الحاليّة فرصة للتفكير في الطريقة التي نُرسّخ بها الدعم للطاقم كجزء من روتين العمل في المدرسة. يمكن الاستعانة لهذا الغرض باستعراض العالِمة الرئيسية. ولكن لا يقلّ أهميّة عن ذلك– أن تكون العطلة الصيفيّة فرصة حقيقية وكاملة للراحة، تدعم رفاهيتنا الشخصيّة.
الحريّة والاختيار في واقعٍ معقّ

هذا العام خرجنا للعطلة الصيفيّة على عجل، بعد نحو أسبوعين من عدم وجودنا في المدرسة، في ظلّ وضع متطرف من انعدام اليقين، ونقص في الراحة، الخوف، الدمار والألم، حيث حريّتنا الشخصيّة كانت مقيّدة ومُهدَّدة في كلّ يوم وكلّ ساعة. كل ذلك جاء بعد فترة طويلة من الحرب التي أنهكت النفوس، بينما لا يزال مختطفون من أبناء شعبنا في حالة من انعدام الحريّة التامّة.

في كتابه "الإنسان يبحث عن المعنى"، يطرح فيكتور فرانكل موقفًا عميقًا وثوريًّا: حتّى عندما يُسلب الإنسان حريّته بشكل قاسٍ، لا يزال بإمكانه الحفاظ على حريّة داخليّة واختيار موقفه تجاه وضعه. هذا الاختيار– ماذا أفكّر وكيف، بأيّ طريقة أتحمّل ظروفي، وما القصّة التي أرويها لنفسي– هو، في نظره، جوهر الحريّة الإنسانيّة، وهو ما يُضفي المعنى على الحياة.

يانوش كورتشاك، رجل التربية الذي عاش وعمل وكتب أيضًا خلال المحرقة النازيّة، في ظروف مشابهة لتلك التي صاغ فيها فرانكل أفكاره، يُعدّ مثالًا حيًّا على تجسيد تلك الحريّة الداخليّة داخل الغيتو– وأيضًا على التربية في ضوئها.

لقد جسّد هذه الحريّة من خلال اختياراته اليوميّة التي لا تُعدّ ولا تُحصى، وفي مقدّمتها خياره الأكثر شهرة: اختياره أن يُرافق تلاميذه في طريقهم الأخيرة، بمحبّة، وتضامن، وتسليم. كلاهما، كلٌّ واحد بطريقته الخاصّة، يذكّران العالَم بأنّ الحريّة الحقيقيّة لا تتعلّق فقط بالقيود التي يفرضها علينا الواقع، بل بقدرتنا على التموضع داخلها كأشخاصٍ كاملين.

اختيار بالأمل في هذه الفترة ليس أمرًا بديهيًا ومفهومًا ضمنًا. خلال شهر تموز/يوليو، سنُكرّس له سلسلة محاضرات بعنوان "صيف من الأمل". 
الحريّة بمعناها المزدوج في مفهوم الإدارة القائمة على النموّ
الإدارة القائمة على النموّ: كيف نطوّر طاقمًا تربويًّا يشعر بأفضل حالاته ويؤدّي أداءً جيّدًا هي وثيقة تصوّر تمّ تطويرها في معهد أڤني روشه بالاستناد إلى أبحاث علميّة. تنطلق الوثيقة من فرضيّة أساسيّة مفادها أنَّ مديري ومديرات المدارس يمكنُهم أن يُساهموا في ازدهار المعلّمين، وبالتالي في ازدهار الطلاب، إذا ما دعموا أربعة احتياجات نفسيّة أساسيّة لدى الطاقم.
إلى جانب الحاجة إلى العلاقات، الانتماء، والأمان- التي تمّ التطرّق إليها في النشرة السابقة- والحاجة إلى القدرة، هناك حاجتان إضافيّتان تتعلّقان بالحريّة: الحاجة إلى التحرّر من الإكراه، بمعنى الحريّة السلبيّة، والحاجة إلى بلورة وتطبيق بوصلة داخليّة أصيلة، بمعنى الحريّة الإيجابيّة.
 الحاجة إلى الحريّة من الإكراه تتعلّق بالرغبة في الشعور بأنّ أحدًا لا يُجبرك على القيام بأمرٍ ما، ويحترمون حقّك في الاختيار والمبادرة، إذا كنت ترغب في ذلك. تُظهر الأبحاث (Brehm & Brehm, 2017 ;Deci & Ryan, 2013) أنّ مجرّد التدخّل أو الإكراه قد يُثير فينا شعورًا بالرفض، حتّى وإن لم نكن نعارض الأمر بشدّة من البداية. الحاجة إلى بلورة وتحقيق بوصلة داخليّة أصيلة، تتعلّق بالرغبة في الإحساس بأنّ لديك حيّزًا وفرصة لتوضيح ما هي الأمور التي تهمّك حقًّا في العمل، والعمل بناءً على ذلك: القيَم العامّة والتربويّة، الميول، الاهتمامات، والأهداف التي تنبع منها- التي تشعر تجاهها بالانتماء والمعنى.
السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة هو: كيف يمكن لمديري ومديرات المدارس دعم هذه الاحتياجات، في حين إنّ معظم الأطر المدرسيّة واقعة داخل منظومة من المتطلّبات والتوقّعات، الداخليّة والخارجيّة؟ وهل يُعدّ ذلك طموحًا واقعيًّا ضمن بنية المنظومة القائمة أصلاً؟ إنّ القدرة على تحقيق التوقّعات دون المساس باحتياجات الحريّة لدى المعلّمين تُشكّل بالفعل تحدّيًا تربويًّا كبيرًا. في وثيقة الإدارة القائمة على النموّ، المستندة إلى نظريّة التوجيه الذاتيّ، تُطرح ممارسات إداريّة (الصفحتان 27–28، الجدولان 1 و2) تتيح عرض توقّعات المدير/ة بطريقة تدعم الاستقلاليّة الذاتيّة، بحيث لا يشعر المعلّمون أنّ احتياجاتهم تُنتهك أو تُحبط.

 
للمزيد حول الإدارة الداعمة للنموّ، يُمكن زيارة موقع أڤني روشه
مصفاة الشروط الداعمة للنموّ
عن الحرية وأوقات الأزمات– أدوات إضافية من أڤني روشه

القيادة المدرسيّة في عصر التحوّلات بين النظام والفوضى- ما الذي يمكن أن تتعلّمه القيادة التربويّة من موسيقى الجاز حول الحريّة والنظام في أوقات الأزمات والتحوّل؟

المرونة الإداريّة – عن التوتّر بين الاحتواء والمطالبة في أوقات الطوارئ- أو بكلمات أخرى: أين يجب أن نتمسّك ولا نتنازل وإلى أيّ مدى يمكن أن نكون مرنين ونُطلق العنان، في الأوقات غير العاديّة. 

لحظة فلسفة: روسو وإميل– عن الحريّة والاستعباد في التربية
يتبوّأ موضوع الحريّة مكانة مركزيّة في الفكر الفلسفيّ، وبالدرجة الأولى من خلال التساؤل حول وجود إرادة حرّة. لقد تناول الفلاسفة السياسيّون مسألة الحريّة من منظور التوتّر بين الحريّة والإكراه ضمن الكيان السياسيّ. كما أنّ فلسفة التربية، تطرّقت بشكل كبير إلى هذا التوتّر في سياق الممارسة التربويّة.
يُعتبر جان جاك روسو في كثير من الأحيان أبًا لتيّار "التربية الحرّة"، الذي صاغ مبادئه في كتابه إميل، التربية.  لم يرَ روسو في الحريّة مجرّد مثل أعلى شخصيًّا، بل اعتبرها أيضًا أداة تربويّة: الطفل الخيالي "إميل" نشأ في أحضان الطبيعة، في الريف، وتربّى من خلال التجربة الشخصيّة، الحرّة والمباشرة. لكن على الرغم من ذلك، ثمّة توتّر عميق في كتاب إميل، الذي يتجلّى بإيجاز لافت ومفيد في الاقتباس التالي:
" (...) لا شكّ أنه يجب أن يفعل ما يشاء، لكن يجب ألّا يشاء إلّا ما تريده أنت أن يفعله" (ص. 237). جان جاك، المُربي الخاص لإميل، يعتمد ظاهريًا على التربية من خلال عدم الممارسة، لكنّه مع ذلك يصوغ بيئته بكلّ تفاصيلها من خلال عدد لا يُحصى من المناورات والتلاعب.
وقد ادّعى منتقدو روسو أنّ وهم الحريّة المُحكم بالذات، يؤدّي في النهاية إلى استعباد كامل وشامل. 

Anchorحوار حول الحريّة مع الطاقم التربوي

في العدد السابق من النشرة، تطرّقنا إلى موضوع العلاقة وأهمّيّة الحفاظ عليها خلال العطلة الصيفيّة، وخاصة في هذه العطلة بالذات. من بين الأفكار التي طُرحت كانت إقامة "برلمان زومي" خاصّ بالطاقم خلال العطلة– لقاءات تطوّعيّة تُعقد في أوقات محدّدة، على شكل محادثة مفتوحة من نوع "كيف الحال؟"، أو حول موضوع مُنظِّم.
سنأخذ هذه الفكرة خطوة إلى الأمام، ونقترح عقد لقاء يتمحور حول قضيّة الحريّة في العمل التربوي- بطريقة تُثير التفكير والتأمل الانعكاسيّ، ومع ذلك تكون مفتوحة، سلسة، غير مثقلة. حرّة. على الجانب الأيسر تظهر "بطاقات" تحتوي على أسئلة متنوّعة للنقاش.
فيما يلي بعض الاقتراحات لكيفيّة عقد اللقاء عبر الزوم:
الاقتراح الأوّل: اختاري سؤالاً واحدًا أو عدة أسئلة ترتبط ببعضها بعضًا، واستخدميها كمحفّز لبدء محادثة مفتوحة.
الاقتراح الثاني: اعرضي عبر الزوم لوحة تحتوي على جميع الأسئلة (في الملفّ المرفق). تختار كلّ مشاركة "بطاقة" وتتطرّق إلى السؤال المُدوّن عليها.
الاقتراح الثالث: نسخة واتساب: أرسلي ملفّ البطاقات الذي يتضمّن الأسئلة، وادعي الطاقم للردّ بشكل طوعي عن أحد الأسئلة. يمكن أيضًا اختيار سؤال مفتوح واحد في كلّ مرّة وإرساله عبر واتساب– للردّ عليه في المنتدى أو للتفكر الشخصيّ.
💡 يمكن تطوير النقاش ونقله إلى لقاء رسمي للطاقم أيضًا خلال العام الدراسيّ.
التربية والحريّة في السينما

العطلة الصيفيّة هي وقت مثالي للأنشطة التي تُغذّي الروح، التي لا نجد لها دائمًا متّسعًا من الوقت خلال العام. جمعنا لكم بعض التوصيات لأفلام مُلهمة تتناول موضوعي التربية والحريّة من زوايا متنوعة:

يوميّات الحريّة (Freedom Writers, 2007) - صفّ مكوَّن من فتيان وفتيات يعيشون في ظروف من الفقر والتهميش في الولايات المتّحدة، يكتشفون طريقهم للتحرّر من مصير يبدو محتوماً، وذلك بمساعدة معلّمة أدب مثاليّة ومتفانية، من خلال كتابة اليوميّات الشخصيّة والتعلّم المشترك عن المحرقة النازيّة. الفيلم يستند إلى قصّة حقيقيّة (متوفّر على Apple TV أو للاستئجار على أمازون فيديو).

حرّة وسعيدة (Happy-Go-Lucky, 2008) بوبي، معلّمة شابّة في مدرسة ابتدائيّة، مرحة وسعيدة، تُعلّم طلّابها بأسلوب إبداعيّ ومنفتح. يشكّل لقاؤها مع معلّم سياقة صارم وكئيب أرضيّة للتفكير بأساليب تعليم مختلفة (متوفّر على Apple TV أو للاستئجار على أمازون فيديو).

قراءة لوليتا في طهران (Reading Lolita in Tehran, 2024) – - عن قوّة التعليم والثقافة في التعبير عن الحريّة الشخصيّة، في الحياة تحت نظام قمعي. فيلم للمخرج عيران ريكلس، مستوحى من الكتاب الذي يحمل الاسم نفسه. (يُعرض في دور السينما هذا الصيف).

"جزء من دور [المدير] هو أن يكون محفّزًا لتحرير الطاقات الكامنة في الآخرين بالقوّة؛ لكنّه لا يُنجز مهمّته هذه ما لم يُحرر ويطوّر هو بنفسه أيضًا ما هو كامن فيه. مهنته هي رعاية وتطوير البشر؛ لكنّه هو نفسه أيضًا واحد من هؤلاء البشر." (كارل روجرز، الحرية في التعلّم، ص. 208)

* تمت صياغة المحتوى بصيغة المؤنث، لكنّه موجَّه إلى كلا الجنسين على حدٍّ سواء.